عند الحديث عن المستقبل أو قراءة روايات الخيال العلمي، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو الحديث عن السيارات الطائرة وعن حركتها في الجو والمسارات الهوائية والإشارات الضوئية المعلقة في الهواء، كل هذا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمستقبل ولكن يجب أن ننظر للأمر بعين الناقد لا بعين الحالم، فالأمر ليس بهذه البساطة التي نتخيلها.
السيارات الطائرة خطوات حقيقية تتجه نحو المستقبل
لم يعد الأمر مقتصراً على الأفكار والتوقعات والأحلام كما يظن البعض، فعلى سبيل المثال العديد من الشركات مثل uber و Kitty Hawk تستعد لصناعة السيارات الطائرة، فقد بدأت أوبر بتصميم حقيقي بالتعاون مع شركة بل للمروحيات وسمي التصميم نيكسوس والذي تم الإعلان عنه لأول مرة في مؤتمر 2019 Consumer Electronics Show وفعلياً ستمثل أول وسيلة نقل جوية من هذا النوع في السنوات القادمة.
بينما على الصعيد الأكاديمي قامت جامعة ميتشيغن بدراسة الأمر حول حقيقة السيارات الطائرة فيما إذا كانت وسيلة النقل المستقبلية ذات الموثوقية العالية والاستقرار الآمن.
كيف ستبدو السيارات الطائرة؟
من الأسماء المعروفة للسيارات الطائرة VTOL بسببب خصائصها المميزة، VTOL هي اختصارٌ لـ الطائرة الكهربائية عامودية الإقلاع والهبوط، حيث أنها ستمتلك القدرة على الإقلاع بشكل عمودي مع الحفاظ على اعتبارات الديناميكية الهوائية لطائرة بسيطة، وفي الحقيقة هذا الشكل المتوقع جاء من التطور الهائل الذي وصلت إليه تقنيات الدرون والطائرات العمودية (الهيلوكوبتر)، فهي الآن منتشرة بشكل واسع وتخدم قطّاعات متعددة منها استخدامات الاستطلاع والتصوير وقياس الأحوال الجوية في طبقات الجو المختلفة، وأيضاً بدأ استخدامها في المجال الإسعافي والانقاذ ونقل الإسعافات الأولية للمصاب ونقل معلومات الحالة وتصويرها لفرق الإنقاذ قبل وصولهم.
وبالتالي سيشبه تصميم السيارات الطائرة تصميم طائرة الدرون ومن المتوقع أن تتشابه معها في آلية الطيران والتحكم أثناء الطيران.
السيارات الطائرة ترف علمي أم حاجة ملحة؟
بالطبع هناك الكثير من الاختراعات التي يمكن أن نعتبرها ترفاً علمياً أو تكنولوجياً، بعضها لتسهيل الحياة بشكل أكبر وبعضها الآخر للرفاهية والبذخ، ولكن إذا كان الأمر متعلقاً بالسيارات الطائرة فهي تعتبر حاجة ملحة بالنظر إلى الازدحام الخانق الذي تسببه المركبات من سيارات وشاحنات، وعدد السيارات والسكان في ازدياد كبير على هذا الكوكب، لذا أصبح من الضروري اتخاذ التدابير اللازمة فيما يتعلق بالازدحام المروري والاكتظاظ الهائل للسيارات في الشوارع والمدن، وهنا تبدو أهمية السيارات الطائرة في تخفيض نسبة عدد السيارات على الطرقات، وتخفيف انبعاثات الغازات الدفيئة، وبالطبع تسهيل الحركة المرورية.
الدراسات الأكاديمية
وفقاً لدراسات قامت بها جامعة ميتشغن تبين أن أداء السيارة الطائرة أفضل بمراحل عديدة من السيارات العادية، وبحسب ما صرح غريغوري كيولاين المشرف الرئيسي على الدراسة ومسؤول قسم الأنظمة المستدامة في مركز U-M للبيئة والاستدامة:
كان من المدهش أن تتفوق السيارات الطائرة أو ما يعرف بـ VTOL على السيارات العادية في مجال الطاقة وانبعاث الغازات الضارة ضمن نفس شروط الاختبار.
وبينت الدراسات أنه بالنسبة لرحلة تقارب 100 كم، كانت الانبعاثات السامة أقل من نظيرتها الأرضية وبقدرة مقبولة، وكملخص لنتيجة البحث كانت السيارات الطائرة أقل إصداراً للغازات السامة بنسبة 52% من السيارات التي تعمل بمشتقات البترول وأقل بنسبة 6% من السيارات التي تعمل بالكهرباء.
السيارات الطائرة ليست بهذه المثالية!
رغم الميزات الكثيرة إلا أن هذا التفوق يظهر في الرحلات الطويلة فقط، بينما في الرحلات القصيرة فلن تكون السيارة الطائرة الخيار الأمثل، فقد أوضحت الدراسات السابقة أن أي رحلة بطول أقل من 35 كم فستكون انبعاثات الغازات الدفيئة أكثر من نظيرتها التي تعمل بالوقود، وعلى ما يبدو أن الأمر سيتطلب وقتاً لا يستهان به للانتقال إلى السيارات الطائرة في ظل الظروف الراهنة والدراسات والإمكانيات الحالية.
وختاماً ما زال الأمر قيد الدراسة والتطوير مع بعض المحاولات الصناعية من قبل الشركات المهتمة بهذا المجال ونأمل أن نكون من الجيل الذي سيشهد على هذا التطور العلمي الهائل.
اكتشاف المزيد من
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.